الأربعاء، 23 مايو 2012

التطور الطبيعي لثقافة البديل


التطور الطبيعي لثقافة البديل

هاحكي لكم حكاية حصلت في التمانينات، بعد ما اتخرجت بحوالي سنتين أو أقل شوية، كنت وقتها باشتغل في صيدلية في منطقة حدودية بين حي شعبي وحي كلاس، المهم جاتلي وصفة فيها دوا مكتوب فصرفته..

 بعد شوية جاتلي الست اللي كانت بعتت الوصفة مع الواد أو البت وف إيدها الوصفة والدوا اللي أنا صرفته من شوية وعلبة دوا تانية فاضية وهي بتتنفض من الغضب، الست كانت من المنطقة الشعبية وكان واضح إنها يا إما مليانة مني على حاجة أنا مش عارفها، يا إما حد سخنها علي لسبب أنا مش عارفه..

كنت لسه واصل الصيدلية ماليش نص ساعة ولسه مش في مود جرّ الشّكَل، الست رمت الحاجة اللي ف إيدها قدامي على المكتب بنرفزة وهي بتبرطم بكلام ما فهمتوش من أول مرة، قلت لها وانا بحاول أركز معاها: إيه؟ فيه إيه؟ قالت لي بنرفزة برضه: أنا مش عايزة بديل الدوا.. أنا عايزة الدوا الأصلي.. وورتني العلبة التانية الفاضية اللي ف إيدها..

من غير ما اشعر – ومع قلة الخبرة واندفاع الشباب – حسي علي عليها وانا باقول لها: الدوا اللي أنا مديهولك هو المكتوب في الوصفة... مين قال لك إنه بديل؟ اللي معاكي ده – وأنا باشاور لها على العلبة الفاضية اللي في إيدها – هو ده البديل..

الست بقت في نص هدومها، ومبقتش عارفة تقول لي إيه.. خدت نفسها بالراحة كده وانسحبت من ميدان المعركة – الصيدلية يعني – بهدوء... وروحت..

ليه أنا ما نسيتش الحادثة القديمة دي؟ مش لأني كنت على حق.. بس لأني بعديها ضميري وجعني إني ماحاولتش أعامل الزبونة المتنرفزة دي بلطف حتى مع كونها غلطانة، طبعا الدوا محل الخلاف كانت إقراص ضد الترجيع – القئ يعني – مش حاجة كبيرة، بس شعوري بأني كنت على حق ماساعدنيش كتير في إني أنسى الست الغلبانة المحترمة اللي افتكرت إني اديتها بديل..

من كام أسبوع.. دخل واحد صيدليتي يسأل عن دوا ناقص، وكان الدوا موجود عندنا فصرفناه له، الراجل بان عليه الإنبساط كده وانفرجت أساريره.. الصيدلي الواقف سأله: هو انت بتلف على الدوا بقالك كتير؟ الراجل قال: رحت قبليكم لاتنين وعشرين صيدلية..

الحادثتين دول مع البعد الزمني الواسع جدا بينهم بيقولوا حاجة مهمة قوي، يا إما المصريين فعلا غاويين يعذبوا نفسيهم من غير لازمة بالتدوير على دوا شاحح واقتناعا منهم بكلام الدكتور اللي ممكن – ومش بالضرورة – يكون قال للعيان (ما تسيبش حد يضحك عليك ويديك بديل)، يا إما إن الدوا الشاحح أو الناقص اللي العيان أو أهله بيقعدوا يدوخوا عليه السبع دوخات ده دوا (سحري) بيعمل عمايل وبيسوي هوايل، بس الصيادلة – أهل الدوا وأصحاب أسراره – مش عارفين الحقيقة دي..

ويبقى الدوا الأصلي سيد الموقف في زمن العلاج بالخلايا الجذعية والجرحات الميكروسكوبية والتنظيرية وعلاج الجنين قبل ما يتولد...إلخ - لحين استيعاب المجتمع إن الدوا الأصلي مش سحر ولا اختراع.. الدوا الأصلي له أكتر من بديل فعال وكلهم بيأدوا نفس الغرض.. بس المهم في الآخر بعد كل ده إن ربنا يكرم العيان بالشفا، وسبحان من جعل لكل داء دواء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق